فصل: باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل

- الحديث الأول‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لا تقبل شهادة الولد لوالده، ولا شهادة الوالد لولده، ولا المرأة لزوجها، ولا الزوج لامرأته، ولا العبد لسيده، ولا المولى لعبده، ولا الأجير لمن استأجره‏"‏

قلت‏:‏ غريب، وهو في ‏"‏مصنف ابن أبي شيبة‏"‏، وعبد الرزاق من قول شريح، قال عبد الرزاق‏:‏ حدثنا سفيان عن جابر عن عامر عن شريح، قال‏:‏ لا تجوز شهادة الابن لأبيه، ولا الأب لابنه، ولا المرأة لزوجها، ولا الزوج لامرأته، ولا الشريك لشريكه في شيء بينهما، لكن في غيره، ولا الأجير لمن استأجره، ولا العبد لسيده، انتهى‏.‏ وقال ابن أبي شيبة‏:‏ حدثنا وكيع ثنا سفيان به، وأخرجا نحوه عن إبراهيم النخعي، وقال في ‏"‏الخلاصة‏"‏‏:‏ رواه الخصاف بإسناده ‏[‏قوله‏:‏ رواه الخصاف باسناده، قال في ‏"‏فتح القدير‏"‏ ص 31 - ج 6‏:‏ لكن الخصاف، وهو أبو بكر الرازي الذي شهد له أكابر المشايخ أنه كبير في العلم، رواه بسنده إلى عائشة رضي اللّه عنها ثنا صالح بن زريق - وكان ثقة - ثنا مروان ابن معاوية الفزاري عن يزيد الشامي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي اللّه عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ ويشهد بفضله وإتقانه وتفقهه ‏"‏كتاب أحكام القرآن‏"‏ فإنه وجه المذهب جزاه اللّه حسابًا‏]‏ عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لا شهادة للقانع بأهل البيت‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ أخرجه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏القضاء - باب من ترد شهادته‏"‏ ص 151 - ج 2‏]‏ عن محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب به عن أبيه عن جده أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن، والخائنة، وذي الغمر على أخيه، وشهادة القانع لأهل البيت، وأجازها لغيرهم، انتهى‏.‏ قال أبو داود‏:‏ والغمر الشحناء، انتهى‏.‏ وكذلك رواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏، وعن عبد الرزاق رواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏، قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ ومحمد بن راشد وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهما، وتكلم فيه بعض الأئمة، وقد تابعه غيره عن سليمان‏.‏ انتهى‏.‏ قلت‏:‏ ورواه أيضًا عن عمرو بن شعيب حجاج بن أرطأة، وآدم بن فائد، وهما ضعيفان، فحديث الحجاج في ‏"‏سنن ابن ماجه‏"‏ ‏[‏في ‏"‏الشهادات‏"‏ ص 172، وحديث آدم بن فائد عند الدارقطني في ‏"‏أواخر الأقضية‏"‏ ص 529‏]‏، وحديث آدم بن فائد في ‏"‏سنن الدارقطني‏"‏ وكلاهما لم يذكر فيه‏:‏ القانع، ولفظهما، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا محدود في الإسلام، ولا ذي غمر على آخر، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه الترمذي ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الشهادات‏"‏ ص 57 - ج 2، ولفظه‏:‏ لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا مجلود حدًا، ولا مجلودة، ولا ذي غمر لأحنة، أو لأخيه، ولا مجرب شهادة، ولا القانع بأهل البيت لهم، قال الفزاري‏:‏ ‏"‏القانع‏"‏ التابع، انتهى‏.‏ وعند الدارقطني في ‏"‏الأقضية‏"‏ 529 - ج 2 عن يزيد بن أبي زياد القرشي، وقال الحافظ ابن حجر في ‏"‏التهذيب‏"‏ 328 - ج 11‏:‏ يزيد بن زياد، ويقال‏:‏ ابن أبي زياد القرشي الدمشقي، ويقال‏:‏ إنهما اثنان، روى عن الزهري، وسليمان بن حبيب، انتهى‏]‏ عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة، قالت‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا مجلود حدًا، ولا ذي غمر على أخيه، ولا مجرب بشهادة الزور ‏[‏وفي - نسخة السعيدية - ولا مجرب شهادة زور‏]‏ ولا القانع أهل البيت، ولا ظنين في ولاء، ولا قرابة، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن زياد الدمشقي، وهو يضعف في الحديث، ولا يصح هذا من قبل إسناده، والغمر‏:‏ العداوة، انتهى‏.‏ ورواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏، وأبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب ‏"‏غريب الحديث‏"‏، قال أبو عبيد‏:‏ والغمر‏:‏ العداوة، والقانع‏:‏ التابع لأهل البيت، كالخادم لهم، والظنين‏:‏ المتهم في دينه، انتهى‏.‏

- الحديث الثالث‏:‏ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصوتين الأحمقين‏:‏ النائحة، والمغنية‏.‏

قلت‏:‏ أخرجه الترمذي في ‏"‏الجنائز‏"‏ ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏الجنائز - باب ما جاء في الرخصة في البكاء على الميت‏"‏ ص 131 - ج 1، ولكن في لفظ المخرج بعض زيادة‏.‏‏]‏ عن عيسى بن يونس عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر بن عبد اللّه، قال‏:‏ أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم، فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره، وبكى، فقال له عبد الرحمن‏:‏ أتبكي يا رسول اللّه، وقد نهيت عن البكاء‏؟‏ قال‏:‏ لا، إني لم أنه عن البكاء، ولكني نهيت عن صوتين أحمقين‏:‏ صوت عند نغمة لعب، ولهو، ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة‏.‏ خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن، انتهى‏.‏ وكذلك رواه ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وعبد بن حميد، وأبو داود الطيالسي في ‏"‏مسانيدهم‏"‏، قال ابن أبي شيبة، حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى له، وقال ابن راهويه‏:‏ أخبرنا وكيع عن ابن أبي ليلى به، وقال عبد بن حميد‏:‏ أخبرنا عبيد اللّه بن موسى عن ابن أبي ليلى به، وقال الطيالسي‏:‏ حدثنا أبو عوانة عن ابن أبي ليلى به، وكلهم ذكروه في - مسند جابر - ورواه البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ من طريق أبي عوانة به، وزاد فيه‏:‏ وإنما هذه رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم، يا إبراهيم لولا أنه قول حق، ووعد صدق، وسبيل مأتي، وقضاء مقضي، وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك حزنًا أشد من هذا، انتهى‏.‏ ومنهم من جعل هذا الحديث من - مسند عبد الرحمن بن عوف - أخرجه كذلك البزار، وأبو يعلى الموصلي في ‏"‏مسنديهما‏"‏ عن النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن جابر عن عبد الرحمن بن عوف، قال‏:‏ أخذ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بيدي، فانطلق بي إلى ابنه إبراهيم، إلى آخره، ذكراه في - مسند ابن عوف - وقال البزار‏:‏ وهذا حديث لا نعلمه يروى عن عبد الرحمن، إلا من هذا الوجه، بهذا الإسناد، انتهى‏.‏ وكذلك رواه البيهقي في ‏"‏شعب الإيمان‏"‏ عن الحاكم بسنده عن يونس بن بكير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى به، قال النووي في ‏"‏الخلاصة‏"‏‏:‏ ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف، ولعله اعتضد‏:‏ ورنة الشيطان - هي الغناء، والمزامير - هكذا جاء مبينًا في رواية البيهقي، انتهى كلامه‏.‏ ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك - في فضائل مارية القبطية‏"‏ ‏[‏ص 40 - ج 4 عن إسرائيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن جابر عن عبد الرحمن بن عوف، فوقع الغلط في إسناده في التخريج‏]‏ عن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف، قال‏:‏ أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي، الحديث، وسكت عنه‏.‏

- الحديث الرابع‏:‏ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم

- أجاز شهادة النصارى بعضهم على بعض،

قلت‏:‏ غريب بهذا اللفظ، وهو غير مطابق للحكمين، فإن المصنف قال‏:‏ وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض، وإن اختلفت مللهم، ثم استدل بالحديث، ولو قال‏:‏ أهل الكتاب، عوض‏:‏ النصارى، لكان أولى، وموافقًا للحكمين، أعني اتحاد الملة واختلافها، هكذا أخرجه ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند ابن ماجه في ‏"‏الأحكام - باب شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض‏"‏ ص 173‏]‏ عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد اللّه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة أهل الكتاب، بعضهم على بعض، انتهى‏.‏ ومجالد فيه مقال، إلا أن يقال‏:‏ إنهم إذا قبلوا عند اتحاد الملة قبلوا عند اختلافها، لعدم القائل بالفصل، فاللّه أعلم، قال شيخنا علاء الدين‏:‏ ويؤخذ من بعض نسخ ‏"‏الهداية‏"‏ اليهود، عوض‏:‏ النصارى، واحتج له مقلدًا لغيره، بحديث رواه أبو داود في ‏"‏الحدود‏"‏ ‏[‏باب في رجم اليهوديين‏"‏ ص 256 - ج 2، وفيه‏:‏ فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالشهود، الحديث‏.‏‏]‏ بهذا الإسناد، قال‏:‏ جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا، فقال‏:‏ ائتوني بأعلم رجلين منكم، فأتوه بابني صوريا، فنشدهما، كيف تجدان أمر هذين في التوراة‏؟‏ قالا‏:‏ نجد فيهما إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها، كالميل في المكحلة رجما، قال‏:‏ فما يمنعكما أن ترجموهما‏؟‏ قالا‏:‏ ذهب سلطاننا فكرهنا القتل، فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم باليهود‏.‏

- قوله‏:‏ فدعا باليهود، كذا بخطه، وبخطه في ‏"‏الهامش‏"‏ الشهود عليه، فجاء أربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها، كالميل في المكحلة، فأمر عليه السلام برجمهما، انتهى‏.‏ هكذا وجدته في نسخة علاء الدين بخط يده، وهو تصحيف، وإنما هو‏:‏ فدعا بالشهود، كشفته من نحو عشرين نسخة، ورواه كذلك إسحاق بن راهويه، وأبو يعلى الموصلي، والبزار في ‏"‏مسانيدهم‏"‏، والدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏أواخر النذور قبل الرضاع‏"‏ ص 496‏]‏ وكلهم قالوا‏:‏ فدعا بالشهود، قال الدارقطني، تفرد به مجالد عن الشعبي، وليس بالقوي، انتهى‏.‏ ذكره في ‏"‏آخر الوصايا‏"‏، وقال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ قوله في الحديث‏:‏ فدعا بالشهود، فشهدوا زيادة في الحديث، تفرد بها مجالد، ولا يحتج بما ينفرد به، قال ابن عدي‏:‏ عامة ما يرويه غير محفوظ، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ أخرجه أبو داود أيضًا ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏باب رجم اليهوديين‏"‏ ص 256 - ج 2 عن هيثم عن المغيرة عن إبراهيم، والشعبي مرسلًا، وعن هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبي به‏.‏‏]‏ عن هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبي بنحوه مرسلًا، لم يذكر فيه‏:‏ فدعا بالشهود، فشهدوا، واللّه أعلم‏.‏

- حديث‏:‏ يشكل على أحد الحكمين، وهو اختلاف الملة، أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏عند الدارقطني في ‏"‏الفرائض‏"‏ ص 454، قلت‏:‏ وأخرج الدارقطني في ‏"‏الأقضية‏"‏ عن عبد الواحد، قال‏:‏ سمعت مجالدًا يذكر عن الشعبي، قال‏:‏ كان شريح يجيز شهادة كل ملة على ملتها‏.‏ ولا يجيز شهادة اليهودي على النصراني، ولا النصراني على اليهودي، إلا المسلمين، فإنه كان يجبز شهادتهم على الملل كلها، انتهى‏.‏ وأخرج الهيثمي في ‏"‏مجمع الزوائد‏"‏ ص 201 - ج 4 عن أبي سلمة عن أبي هريرة، فيما أحسب، قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا ترث ملة ملة، ولا تجوز شهادة ملة على ملة، إلا أمتي تجوز شهادتهم على من سواهم‏"‏، وقال‏:‏ رواه الطبراني، وفيه عمر بن راشد، وهو ضعيف، انتهى‏]‏ عن عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ لا تجوز شهادة ملة على ملة، إلا ملة محمد، فإنها تجوز شهادتهم على غيرهم، انتهى‏.‏ وذكره عبد الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏ من جهة الدارقطني، ثم قال‏:‏ وعمر بن راشد ليس بالقوي، ضعفه أحمد بن حنبل، وأبو زرعة، وابن معين، انتهى‏.‏ ورواه ابن عدي في ‏"‏الكامل‏"‏، وأعله بعمر بن راشد، وأسند تضعيفه عن البخاري، وأحمد، والنسائي، وابن معين‏.‏

- قوله‏:‏ روي أن عمر رضي اللّه عنه قبل شهادة علقمة الخصي، قلت‏:‏ رواه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه - في الأقضية‏"‏ حدثنا ابن علية عن ابن عون عن ابن سيرين أن عمر أجاز شهادة علقمة الخصي، على ابن مظعون، انتهى‏.‏ ورواه أبو نعيم في ‏"‏الحلية - في ترجمة عبد الرحمن بن مهدي‏"‏ ثنا إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل أن الجارود شهد على قدامة أنه شرب الخمر، فقال عمر‏:‏ هل معك شاهد آخر‏؟‏ قال‏:‏ لا، فقال عمر‏:‏ يا جارود ما أراك إلا مجلودًا، قال‏:‏ يشرب ختنك، وأجلد أنا‏؟‏‏!‏ فقال علقمة الخصي لعمر‏:‏ أتجوز شهادة الخصي‏؟‏ قال‏:‏ وما بال الخصي لا تقبل شهادته‏؟‏ قال‏:‏ فإني أشهد أني قد رأيته يقيئها، فقال عمر‏:‏ ما قاءها حتى شربها، فأقامه، ثم جلده الحد، انتهى‏.‏ وأخرج عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ حديث قدامة مطولًا، ليس فيه ذكر علقمة، وتلخيصه عن عبد اللّه بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب استعمل قدامة بن مظعون على البحرين، وهو خال حفصة، فقدم الجارود سيد عبد القيس من البحرين على عمر، فشهد على قدامة أنه شرب، فسكر، قال‏:‏ من يشهد معك‏؟‏ قال‏:‏ أبو هريرة، فدعاه، فقال‏:‏ بم تشهد‏؟‏ قال‏:‏ رأيته سكران يقئ، فكتب عمر إلى قدامة يطلبه حتى قدم عليه، فسأله، فقال الجارود‏:‏ يا أمير المؤمنين أقم على هذا كتاب اللّه، فقال عمر‏:‏ ما أراك إلا خصمًا، وما شهد معك إلا واحد، فقال الجارود‏:‏ أنشدك اللّه، فقال عمر‏:‏ لتسكن لسانك، أو لأسوءك، فقال‏:‏ واللّه ما ذاك بالحق أن يشرب ختنك الخمر، وتسوءني أنا، فقال أبو هريرة‏:‏ يا أمير المؤمنين إن كنت تشك في شهادتنا، فأرسل إلى امرأته هند ابنة الوليد، فاسألها، فأرسل عمر إلى هند، فشهدت على زوجها، فحده عمر، وغضب قدامة على عمر زمانًا، وحجا متغاضبين، فلما قفلا من حجهما، ونزل عمر بالسقيا، فنام بها، ثم استيقظ مرعوبًا، فقال‏:‏ عجلوا علي بقدامة، فواللّه إني لأرى آتيًا أتاني، فقال لي‏:‏ يا عمر سالم قدامة، فإنه أخوك، فأبى قدامة أن يأتيه، فأمر عمر أن يجروه إليه، فلما أُتي به، كلمه عمر، واستغفر له، انتهى‏.‏

- قوله‏:‏ وعن ابن عباس، قال‏:‏ لا تقبل شهادة الأقلف، ولا تقبل صلاته، ولا تؤكل ذبيحته، قلت‏:‏ هذا يوجد في بعض نسخ ‏"‏الهداية‏"‏، وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه - في كتاب الأقضية‏"‏ حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال‏:‏ لا تجوز شهادة الأقلف ‏[‏قال الخصاف‏:‏ تقبل شهادة الأقلف، وتجوز صلاته وإمامته، إلا إذا تركه على وجه الرغبة عن السنة، لا خوفًا من الهلاك، وكل من يراه واجبًا يبطل به شهادته، وعندنا هو سنة، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ الختان للرجال سنة، وللنساء مكرمة، وما عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال‏:‏ لا تقبل شهادته، ولا تقبل صلاته، ولا تؤكل ذبيحته، وإنما أراد به المجوسي، ألا ترى إلى قوله‏:‏ ولا تؤكل ذبيحته، اهـ كذا في ‏"‏فتح القدير‏"‏ ص 45 - ج 6‏.‏‏]‏، ولا تقبل له صلاة، ولا تؤكل له ذبيحة، قال‏:‏ وكان الحسن لا يرى ذلك، انتهى‏.‏ ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه - في كتاب الحج‏"‏ أخبرنا معمر عن قتادة، قال‏:‏ كان ابن عباس يكره ذبيحة الأرغل ‏[‏قال ابن الأثير في ‏"‏النهاية‏"‏ في - مادة‏:‏ رغل - ص 94 - ج 2‏:‏ وفي حديث ابن عباس أنه كان يكره ذبيحة الأرغل، أي الأقلف، وهو مقلوب الأغرل، كجبذ وجذب، انتهى‏]‏ ويقول‏:‏ لا تجوز صلاته، ولا تقبل شهادته، وفيه قصة، ومن طريق عبد الرزاق رواه البيهقي في ‏"‏شعب الإيمان - في الباب الستون - منه‏"‏‏.‏

-